السبت، 2 نوفمبر 2013


كفى بالقرآن شافيا 

من روائع الشعر العربي 
علو في الحياة وفي الممـــات          لحق أنت إحدى المعجزات
كأن الناس حولك حين قامــوا          وفود نداك أيام الصـلات
كأنك قائم فيهم خطيبــــــا                وكلهم قيام للصــــــــلاة
مددت يديك نحوهم احتفـــاء            كمدهما إليهم بالهبـــــات
ولما ضاق بطن الأرض عن أن        يضم علاك من بعد الوفـاة
أصاروا الجو قبرك واستعاضوا        عن الأكفان ثوب السافيـات
غليل باطن لك في فـــؤادي             يخفف بالدموع الجاريــــات
ولو أني قدرت على قيـــام              بفرضك والحقوق الواجبات
ملأت الأرض من نظم القوافي         ونحت بها خلاف الشائحات
ولكني أصبر عنك نفســـي             مخافة أن أعد من الجنـــــاة
ومالك تربة فأقول تسقـــى            لأنك نصب هطل الهاطــــلات
عليك تحية الرحمن تتــرى             برحمات عواد رائحــــــات[1]



[1] - جواهر الأدب لأحمد الهاشمي ج2ص449-450 طباعة دار الفكر ت ط1425هـ-2005م بتصرف.

الجمعة، 1 نوفمبر 2013


شذرات عنبرية
 من
المحضرة الموريتانية
لقد جسد العالم الموريتاني صميم المحضرة الشنقيطية وزهو ثقافة الصحراء في قوة الحفظ وسرعة البديهة واتساع الباع في مختلف العلوم الإنسانية، وقد حاولت أن أدلي بدلوي في صحيفة الإتحاد لأذكر بعض إخواني وأنبه بعضهم إلى المنزلة التي تحتلها المحضرة التي بفضلها كان لهم الذكر الحسن في المعمورة و محط الإعجاب  والتقديرحيث ما حلوا وأينما ارتحلوا.
كررعلي حديثها ياحادي         فحديثها يجلي الفؤاد الصادي
وما أنا من هذا المقال؟ واعترف أني لست أهلا للحديث عن مكانة المحضرة الشنقيطية وإنما هي غرر من فوائدها ونتف من دررها وشذرات عنبرية من رياها،وما حالي معها إلا كبائع التمر على اهل  هجر،ومن أنا؟ ماأنا إلا متطفل على الطلاب أقرأ لأجمع وأكتب لأقرأ،فإن أصبت فلكم ولا هم وإن أخطأت فعلي وخلاكم ذم، راجيا أن أسد نهمة الراغبين بعد أن أصيبت بعض القلوب بانفلونزاالمناصب وهيستيريا المكاسب،وإني أذكرمن رأى خللا(نحويا أو املائيا) بقول القائل:
وإنني ابتغي ممن رأى خللا        فيما انتدبت له أن يصلح الخللا .
وسأتناول هذه العجالة من خلال النقطتين التاليتين:
1 ـ تعريف وتعطير:
المحضرة حاضرة علمية قوامها شيخ متفرد بالتدريس ومتفرغ له وطلاب قد قصروا أنفسهم على التحصيل العلمي حتى ينهلوا منها ويتخرجوا،وقد اختلف في أصل اشتقاقها على قولين هل هي من الحضرة أم المحظرة وعلى أنها بالضاد فهي من الحضورعلى المياه حيث إن الشيوخ إذا كثرت طلابها حضروا على المياه ولم ينتقلوا للنجوع ،ويستدل أهل هذا القول بقول لبيد بن ربيعة العامري
فالواديان وكل مغنى منهم     وعلى المياه محاضر وخيام
أما على القول الثاني فهي من الحظيرة حيث يتخذ الطلاب حظيرة يكررون فيها دروسهم ويتخذونها سكنا.
أما جذورها الجنينية فيرجع إلى القرن الخامس الهجري(عهد المرابطين) لكنها لم تتبلور وتشيع أكثر إلا في القرنين 12 و13 الهجريين،حيث شعت حواضر بالعلم والعلماء كولاته وشنقيط .....
ثم اتخذت المحضرة بعد ذلك طابع البداوة والترحال كمحضرة العلامة المختار بن بون الجكني حيث :
قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة    بها نبين دين الله تبيانا
ومحضرة آل محمد محمد سالم المجلسية،وغيرها من المحاضر التي يصعب تعدادها بل لا يكاد يخلوحي من محضرة .
2 ـ مناهج ومشاهير:
إن طريقة التدريس في المحضرة الشنقيطية تختلف عن الطرق المعتمدة في المناهج أو الكتاتيب (كما عند المشارقة)حيث يدرس طلاب المحضرة في الألواح الخشبية، فيكتب الطالب درسه اليومي كل حسب مستواه ،فبعض الجهات تقدم عادة القرآن وعلومه لتتبعه بعد ذلك بمقدمات كتب الفقه ...،وبعضها الآخر يأخذ أجزاء من القرآن فيتبعه علوم الآلة (الست فالحماسة.....) ويستريح عند القيلولة ليتابع الدرس والتكرار بعد الظهر حتى وقت متأخر من الليل إلا ما كان من العطل المحددة (لخميسه وقرود) .
 وأما ما يخص النفقة فغالبا تكون من الشيخ أو أهل الحي،وللطلاب حق في الحي عند كل مناسبة اجتماعية أو دينية (لقدوه) بل يحظون بمكانة مرموقة تبعا لشيخ المحضرة ،وربما بدأت بعض هذه العادات بعامل الزمن وطغيان العولمة تختفي في الحضر.
وإذا كررالطالب درسه زوالا و مساء يكون قد هضمه بحثا ولم يعد بحاجة للرجوع إليه،ثم ينتقل بعد هذا للذي يليه وهكذا حتي يكمل كتابه،ولا يدرس فنين ـ غالبا ـ إلا الطلاب الذين على قدر كبيرمن الذكاء والفهم مثل الشيخ ماء العينين حيث حفظ في يومين نصف مختصر خليل والألفية في بعض يوم .
إنهم قوم " جعلوا غذاءهم الكتابة وسمرهم المعارضة واسترواحهم المذاكرة ونومهم السهاد واصطلاءهم الضياء وتوسدهم الحصى ".
وقداختصرطريق التحصيل المحضري العلامة محمذن فال بن متالي بقوله:
كتب إجازة وحفظ الرسم    قراءة تدريس أخذ العلم
 ومن يقدم رتبة عن المحل   من ذي المراتب المرام لم ينل 
 فلابد من الصبر على العلم  لنحفل في رياضهم المورعة ونسمع صوت حاديهم يشدو:
سهري لتنقيح العلوم ألذ لي     من وصل غانية وطيب عناق
وتمايلي طربا لحل عويصة    أشهى وأحلى من مدامة ساق
وصرير أقلامي على أوراقها    أحلى من الدوكاء والعشاق
وألذ من نقر الفتاة لدفها        نقري لألقي الرمل عن أوراقي
أما ثمرات المحضرة ونتاجها فيتمثل فيما أخرجت لنا من العلماء والفقهاء والأدباء الذين دوخوا العالم بصيتهم وشنفوا مسامعه عطرا وإليك نماذج للتمثيل لا الحصر:
ـ العلامة سيد محمد بن العلامة سيد عبد الله بن الحاج ابراهيم حيث قال:
(إن علوم المذاهب الأربعة كلها لو قذفت في البحرولم يبق منها شيء لتمكنت أنا وتلميذي الألفغي الديماني من إعادتها دون زيادة أونقصان فيتولى هوالمتون وأتولى أنا الشروح).
فهل يمكن أحد قول هذا في أيامنا.
ـ العلامة محمديحي الولاتي:
حيث كان آية في الحفظ وله قدم راسخ في العلوم الشرعية وباع طويل في الحديث وكفى  بالرحلة الحجازية والمنتقى دليلا على ما قلت. 
ـ العلامة يحظيه ولد عبد الودود:
حيث كان يعرف بعلامة الدنيا وسبويه القطر.
يرضى به الناس في أيامه خلفا    من سبويه مصافيه وشانيه
في مجلس نفع الله الأنام به        سيان عاكفه فيه وباديه
ما إن تصدر بالتمويه صاحبه        وإن تصدر أقوام بتمويه
ـ العلامة والموسوعية محمد سالم بن عدود:حيث كان بحرا من العلوم وكنزا من المعارف المتنوعة وكان بحق مكتبة متنقلة يشهد بهذا البعيد والعدو قبل القريب والصديق :
ولقدتركت لكم تراثا صالحا   إن تحفظوه تكرموا وتقدموا.
وأخيرا لا أجد ما يعبرعما يختلج في صدري إلا قول الفرزدق:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم     إذا جمعتنا يا جرير المجامع
وليعذرني من رأي اختصارا وندرة لبعض النماذج من علمائنا الأجلاء فقد اختصرت المقال لتلائم الحجم المحددفي السطور
ولما حاول بعض الزعماء الاعتراض على انضمام بلادنا إلى جامعة الدول العربية قال شيخي العلامة النحرير محمد سالم / محمد علي(عدود) رحمه الله :
منوها بمكانة البلاد بماضيها العربي، وبعراقة شعبها الأبي وأصالته بأجداده العرب الأوائل :
مالي أراك رغبت عن آبائــك          أرأيتهم في المجد دون أولائك
هل أنت إلا مهرة شرقيـــة             يجري الدم العربي في أحشائك
أصبحت إفريقية عجــميـــة            فسلوت بالسوداء عن بيضائك
ألحفت راحمة جناحك بيضـها          وتركت بيضك ضاحيا بعرائك
عجبا لتلك قضية قد أسديـت           لعبت بلحمتها يمين الحائــك
سبئية أو أختها مضريـــة             راحت تعثر في طريق شائـك
وقال في موضوع ذي صلة بالذي قبله (انضمام البلاد إلى حلف بعض الدول الإفريقية)
أصبحت في المتملغشيـــــــن مملغشا فيهم أعــد
فكأن شعبي لم يكـن               أبناء حمير أو معــد
فدع الملامة إنهــا               حد وما مثلي يحـــد
(هذا جناه أبي علـي              ي وما جنيت على أحد)
من رسالة تخرجي "من شعبة اللغة العربية "